للعقيدة الإسلامية خصائص كثيرة منها:
¤ أنها عقيدة غيبية:
والغيب: ما غاب عن الحس، فلا يدرك بشيء من الحواس الخمس: السمع والبصر واللمس والشم والذوق، وعليه فإن جميع أمور ومسائل العقيدة الإسلامية التي يجب على العبد أن يؤمن بها ويعتقدها غيبي، كالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، وعذاب القبر ونعيمه، وغير ذلك من أمور الغيب التي يُعتمد في الإيمان بها على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم...
¤ أنها عقيدة توقيفية:
فعقيدة الإسلام موقوفة على كتاب الله، وما صح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فليست محلاً للإجتهاد، لأن مصادرها توقيفية.
وذلك أن العقيدة الصحيحة لابد فيها من اليقين الجازم، فلابد أن تكون مصادرها مجزوماً بصحتها، وهذا لا يوجد إلا في كتاب الله وما صح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه فإن جميع المصادر الظنية، كالقياس والعقل البشري لا يصح أن تكون مصادر للعقيدة، فمن جعل شيئاً منها مصدراً للعقيدة فقد جانب الصواب، وجعل العقيدة محلاً للإجتهاد الذي يخطئ ويصيب.
¤ موافقتها للفطرة القويمة، والعقل السليم:
فعقيدة أهل السنة والجماعة ملائمة للفطرة السليمة، موافقة للعقل الصريح، الخالي من الشهوات والشبهات.
¤ إتصال سندها بالرسول صلى الله عليه وسلم والتابعين وأئمة الدين قولاً، وعملاً، وإعتقاداً:
وهذه الخصيصة قد إعترف بها كثير من خصومها، فلا يوجد بحمد الله أصل من أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة، ليس له أصل أو مستند من الكتاب والسنة، أو عن السلف الصالح، بخلاف العقائد الأخرى المبتدعة.
¤ الوضوح والسهولة والبيان:
فهي عقيدة سهلة واضحة وضوح الشمس في رائعة النهار، فلا لبس فيها، ولا غموض، ولا تعقيد، فألفاظها واضحة، ومعانيها بيِّنة، يفهمها العالم والعامي، والصغير والكبير، فهي تستمد من الكتاب والسنة، وأدلة الكتاب والسنة كالغذاء ينتفع به كل إنسان، بل كالماء الذي ينتفع به الرضيع، والصبي، والقوي، والضعيف....
¤ السلامة من الإضطراب والتناقض واللبس:
فلا مكان فيها لشيء من ذلك مطلقاً، كيف لا وهي وحي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟
فالحق لا يضطرب، ولا يتناقض، ولا يلتبس، بل يشبه بعضه بعضاً، ويصدق بعضه بعضاً، قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء:82].
¤ أنها قد تأتي بالمحار، ولكن لا تأتي بالمحال:
ففي العقيدة الإسلامية ما يبهر العقول، وما قد تحار فيه الأفهام، كسائر أمور الغيب، من عذاب القبر ونعيمه، والصراط، والحوض، والجنة والنار، وكيفية صفات الله عز وجل.... فالعقول تحار في فهم حقيقة هذه الأمور، وكيفياتها، ولكنها لا تعتبرها مستحيلة بل تسلِّم لذلك، وتنقاد، وتذعن، لأن ذلك صدر عن الوحي المنزل، الذي لا ينطق عن الهوى.
¤ ومن خصائصها العموم والشمول والصلاح:
فهي عامة، شاملة، صالحة لكل زمان ومكان، وحال، وأمة..... بل إن الحياة لا تستقيم إلا بها...
¤ الثبات والاستقرار والخلود:
فهي عقيدة ثابتة، مستقرة خالدة، فلقد ثبتت أمام الضربات المتوالية التي يقوم بها أعداء الإسلام، من اليهود، والنصارى، والمجوس، وغيرهم.
فما إن يعتقد هؤلاء أن عظمها قد وهن، وأن جذوتها قد خبت، ونارها قد انطفأت، حتى تعود جذعة ناصعة نقية، فهي ثابتة إلى قيام الساعة، محفوظة بحفظ الله تعالى، تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، ورعيلاً بعد رعيل، لم يتطرق إليها التحريف، أو الزيادة، أو النقصان، أو التبديل.. قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].
¤ أنها سببٌ للنصر والظهور والتمكين:
فذلك لا يكون إلا لأهل العقيدة الصحيحة، فهم الظاهرون، وهم الناجون، وهم المنصورون كما قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» أخرجه مسلم والبخاري بنحوه..
فمن أخذ بتلك العقيدة أعزه الله، ومن تركها خذله الله.
وقد عَلِم ذلك كلُّ من قرأ التاريخ، فمتى حاد المسلمون عن دينهم حاق بهم ما حاق، كما حدث لهم في الأندلس وغيرها.
¤ أنها ترفـع قـدر أهلــها:
فمن إعتقدها، وزاد علماً بها وعملاً بمقتضاها، ودعوة للناس إليها، أعلا الله قدره، ورفع له ذكره، ونشر بين الناس فضله، فرداً كان أو جماعة، ذلك أن العقيدة الصحيحة هي أفضل ما إكتسبته القلوب، وخير ما أدركته العقول، فهي تثمر المعارف النافعة، والأخلاق الذكية العالية.
الكاتب: د. السيد العربي بن كمال.
المصدر: موقع دعوة الأنبياء.